اتفق القائلون بتعدد العلل المستقلة لحكم واحد على أنها إذا وقعت مرتبة، فإن الحكم بالأولى.

وإذا وقعت دفعة كما بال، وتغوط، ومسّ معاً، فقيل: العلة المجموع، وكل جزء علة.

وقيل: العلة واحدة لا بعينها، واختار ابن الحاجب أن كل واحدة علة مستقلة.

واستدل القائل بأن العلة المجموع، بأنه لو استقل كل منها بالعلية لزم اجتماع المثلين.

وهذا الدليل تقدم تقريره، والجواب عنه في الكلام على الدليل الثاني، من أدلة المانعين تعدد العلل حيث قالوا في تقرير الدليل: إن جواز تعدد العلل، يجيز اجتماع المثلين، واجتماع المثلين يوجب اجتماع النقيضين.

وقد أجيب عنه بما مر ذكره من لزوم ذلك في العلة العقلية، دون الشرعية.

واستدل القائلون بأن العلة أحد الأوصاف لا بعينه، بأنه لولا ذلك لزم التحكم في تعيين ما يثبت به الحكم دون غيره، أو يلزم كون كل علة وكلاهما باطل، فتعين أن تكون العلة أحد الأوصاف لا بعينه.

ويجاب عنه بأنه يثبت بكل دفعة، وذلك لا ينافي الاستقلال، لثبوته عند الانفراد، كما يثبت المدلول بالأدلة السمعية مع استقلال كل دليل بإثباته حتى لو انفرد أحد الأدلة لم يمتنع إثباته بالأخرى1.

واستدل ابن الحاجب على ما اختاره بما يأتي:

الأول: أنه لو لم تكن كل واحدة علة مستقلة، لكانت كل واحدة جزء علة، وهو باطل، لثبوت الاستقلال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015