ليس ممتنعاً عقلاً وتسويغاً، ونظراً إلى المصالح الكلية، ولكنه يمتنع شرعاً، وآية ذلك أن إمكانه من طريق العقل في نهاية الظهور، فلو كان هذا ثابتاً شرعاً لما كان يمتنع وقوعه على حكم النادر، والنادر لا بد أن يقع على مرور الدهور، فإذا لم يتفق وقوع هذه المسألة، وإن لم يتشوف إلى طلبه طالب، لاح كفلق الصبح أن ذلك ممتنع شرعاً، وليس ممتنعاً عقلاً"1.
ثم ادعى لتصحيح دعواه عدم وقوع فيما تقدم ذكره من أسباب الحدث والقتل، أن الأحكام متعددة لانفكاك الجهة، لأن الحكم مستند إلى واحد منها، غير الحكم المستند إلى الآخر، إذ قد يوجد حد القتل بالقصاص دون القتل بالارتداد، وبالعكس، كما يوجد حدث اللمس دون حدث المسّ، وبالعكس، هذا على أنه لو ألزم بأن جواز الانفكاك في الوجود يوجب الجواز في العدم، فيجب جواز أن يرتفع أحدهما ويبقى الآخر، فربما التزمه على ما ذهب إليه البعض من أنه إذا نوى أحد أحداثه لم يرتفع الباقي"2.
وأجيب عنه بمنع عدم الوقوع، فإن ما ذكر من أسباب الحدث والقتل يفيد الوقوع والتعدد، وما ادعاه من تعدد الحكم يحتاج في إثباته إلى دليل، فإن اكتفى بتجويز كون الحكم متعدداً كما ذهب إليه البعض، لم يكفه لأنه في معرض الاستدلال على امتناع تعدد العلل، وعلى أن الحكم في صورة تعدد العلل متعدد.
وما ادعاه من أنه قد ينتفي أحد الحكمين، ويبقى الآخر، فقد تقدم اقتصاره على القتل لتحقق تعدد المستحق على ما تقدم توجيهه، وانتفاء الانفكاك في الحدث ظاهر، ولذا فالصحيح أن من نوى رفع الحدث مع تعدد الأسباب، صح وضوءه3.