جزء علة، فالحكم بترجيح أحد الاحتمالين على الاحتمال الآخر تحكم، لقيام الاحتمالين عقلاً، ولعدم وجود نص يدل على تعيين استقلال بعضها دون بعض، وإلا عادت منصوصة، وهو خلاف المفروض.
وأجيب عنه بمنع التحكم، لإمكان استنباط الاستقلال بالعقل، وذلك أنه كما ثبت الحكم بها مجتمعة ثبت بها منفردة، فيعلم أن ثبوت الحكم بها منفردة دليل استقلال كل واحدة منها كما يوجد ذلك في المسّ وحده واللمس وحده في محلين، ويوجد بثبوت الحدث معهما، فعلم أن كل واحد منهما علة، وإلا لما ثبت الحكم في محل إفرادهما، فيحكم بثبوته بهما عند الاجتماع"1.
أدلة المذهب الرابع المقتضي جوازه في المستنبطة دون المنصوصة:
استدل له بأن المنصوصة قطعية بتعيين الشارع، فهي باعثة على الحكم، لتعيين الشارع إياها له، وذلك ينفي احتمال غيرها للعلية كلا وجزءاً للمنافاة بينهما.
وأما المستنبطة فهي وهمية غير قطعية، وقد يتساوى الإمكان في كون العلة المجموع، أو الجزء، ويترجح كل بمرجح، فيغلب على الظن علية كل منهما، فيجب اتباعه.
وأجيب عنه: بمنع القطع في المنصوصة المراد بها السمعية، لجواز أن تكون دلالتها ظنية، وأن يكون إسنادها ظنياً، وإن سلم فلا يمنع القطع بالاستقلال، لجواز تعدد البواعث، لأن الحكم الواحد قد يكون محصلاً لمصالح متعددة، دافعاً لمفاسد مختلفة2.
دليل المذهب الخامس، المقتضي جواز ذلك عقلاً، ومنعه شرعاً:
ودليل ذلك ما جاء في البرهان ونصه: قال: "تعليل الحكم الواحد بعلتين