ولا يشكلن عليك ما روي من مراجعة الخليفتين أبي بكر وعمر لبعض الصحابة في بعض مروياتهم وطلبهم شاهدا ثانيا، ومراجعة بعض الصحابة لبعض في القليل النادر, فذلك ليس لتهمة ولا تجريح، وإنما هو زيادة في اليقين والتثبيت في الرواية, وبهذا التحوط وضع الخليفتان الراشدان المنهج السليم في التثبيت والاحتياط لمن يأتي بعدهما، وليس أدل على هذا من قول عمر لأبي موسى الأشعري, وقد طلب منه أن يأتي بمن يشهد معه أنه سمع ما رواه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أما إني لم أتهمك ولكنه الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم". فهل بعد هذا التصريح يتهم الصحابة متهجم، ويتظنن عليهم متظنن؟
2- "رأي المازري": قال المازري في شرح البرهان: "لسنا نعني بقولنا: الصحابة عدول كل من رآه -صلى الله عليه وسلم- يوما ما، أو زاره يوما ما، أو اجتمع به لفرض وانصرف عن كثب, وإنما نعني به الذين لازموه وعزروه ونصروه واتبعو النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون", وقد رد كلام المازري هذا كثير من العلماء ولم يوافقوا عليه، قال الحافظ صلاح الدين العلائي: هو قول غريب يخرج كثيرا من المشهورين بالصحبة والرواية عن الحكم بالعدالة كوائل بن حجر ومالك بن الحويرث، وعثمان بن أبي العاص وغيرهم ممن وفد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقم عنده إلا قليلا وانصرف، وكذلك من لم يعرف إلا برواية الحديث الواحد، ولم يعرف مقدار إقامته من أعراب القبائل، والقول بالتعميم هو الذي صرح به الجمهور وهو المعتبر1.
3- القول الثالث أن الصحابة كغيرهم في لزوم البحث عن عدالتهم مطلقا, ويرده ما ذكرنا من الآيات والأحاديث وأقوال جمهور الأئمة.
4- أنهم عدول إلى وقت وقوع الفتن، وأما بعد ذلك فلا بد من