...
تقدمة بين يدي الكتاب:
الحمد لله الذي أنزل على عبده ونبيه محمد القرآن وحيا يتلى، وأنزل عليه السنة وحيا غير متلو، حيث قال فيما صح عنه: "ألا إنني أوتيت الكتاب، ومثله معه" 1, والصلاة والسلام على سيدنا محمد بعثه الله على حين فترة من الرسل ليفتح به أعينا عميا وآذانا صما، وقلوبا غلفا, فملأ الدنيا إيمانا وتوحيدا بعد أن ملئت شركا وكفرا، وهدى بعد أن ملئت ضلالا وخيرا بعد أن ملئت شرا، وعلما بعد أن ملئت جهلا، ونورا بعد أن كانت في ظلمات وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن علم الحديث النبوي الشريف لم يزل من قديم الزمان -والإسلام غض طري، والدين محكم الأساس قوي- أشرف العلوم وأجلها، وأنفعها وأبقاها ذكرا، وأعظمها أثرا، بعد علم القرآن الكريم الذي هو أصل الدين ومنبع الصراط المستقيم.
وقد عنيت الأمة الإسلامية من لدن عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بحفظ الأحاديث وروايتها، والالتزام بها علما، وعملا، وسلوكا، وأخلاقا ثم عنيت بجمعها، وتدوينها في كتب الأحاديث والسنن، من الصحاح،