رؤية ولم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالأكفاء، والمراد باللقاء في حال الحياة فأما من رآه بعد موته قبل الدفن فلا صحبة له كما وقع ذلك لأبي ذؤيب خويلد بن خالد الهذلي الشاعر, فقد أسلم في حياة النبي ولم يره فقدم المدينة يوم توفي رسول الله فإذا الناس لهم ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج بالإحرام فقال: مه؟ -يعني: ما الخبر؟ - فقالوا: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذهب إلى بيت رسول الله, فإذا هو مسجى على سريره قبل غسله, وأهله يحيطون به, فسأل عن الصحابة, فقيل له: في سقيفة بني ساعدة, فذهب إليهم وحضر مجتمع السقيفة، وإذا كان بعض المؤلفين في الصحابة ذكروا أبا ذؤيب وأمثاله في كتبهم فلقرب منزلتهم منهم للتنبيه عليهم, وإلا فهم ليسوا بصحابة باتفاق1، ويدخل في التعريف كل مكلف من الجن والإنس أما الملائكة فلا يدخلون، لأنهم غير مكلفين ويخرج عن التعريف من رآه كافرا ثم أسلم بعد كرسول هرقل فلا صحبة له، وكذلك من آمن به ثم ارتد ومات كافرا كعبد الله بن خطل، وربيعة بن أمية، ومقيس بن صبابة ونحوهم, فلا شك أن هؤلاء لا يطلق عليهم اسم الصحبة.
وأما من ارتد ثم عاد إلى الإسلام في حياته صلى الله عليه وسلم, ولقيه فالصحبة عائدة إليهم بالإجماع كعبد الله بن أبي سرح، وأما من ارتد منهم في حياته صلى الله عليه وسلم أو بعد موته ثم عاد إلى الإسلام بعد موته كالأشعث بن قيس2، وقرة بن هبيرة3، ففي عودة الصحبة إليه خلاف.