المبحث الثاني التفريض والجفاء

أولا التفريط: وبعد أن اتضح لنا معنى الغلو والإفراط، وما يدل عليه كل منهما، نقف الآن مع ما يقابلهما، وهو التفريط والجفاء، والتفريط في اللغة هو التضييع كما في لسان العرب.

وفي حديث علي -رضي الله عنه-: (لا يرى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا) وهو بالتخفيف المسرف في العمل، وبالتشديد المقصر فيه، وفرط في الأمر يفرط فرطا أي: قصر فيه وضيعة حتى فات، وكذلك التفريط (?).

ومنه قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "أما إنه ليس في النوم تفريط" (?) وإذن فالتفريط هو التقصير والتضييع والترك.

قال ابن فارس -رحمه الله-: وكذلك التفريط، وهو التقصير، لأنه إذا قصر فيه فقد قعد عن رتبته التي هي له (?).

وقال الجوهري -رحمه الله-: فرط في الأمر فرطًا، أي قصر فيه وضيعه حتى فات، وكذلك التفريط (?).

وقد ورطت مادة (فرط) في القرآن في عدة مواضع.

قال تعالى: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا) [الأنعام: 31].

قال الطبري -رحمه الله-: يا ندامتنا على ما ضيعنا فيها (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015