والفرطة - بالضم- اسم للخروج والتقدم، ومنه قول أم سلمة (?) لعائشة (?) -رضي الله عنهما-: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهاك عن الفرطة في البلاد"، وفي رواية نهاك عن الفرطة في الدين، يعني السبق والتقدم ومجاوزة الحد.
والإفراط: الإعجال والتقدم وأفرط في الأمر: أسرف وتقدم وكل شيء جاوز قدره فهو مفرط (?).
قال تعالى: (إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى) [طه: 45].
قال الطبري -رحمه الله-: وأما الإفراط فهو الإسراف والإشطاط والتعدي، يقال منه: أفرطت في قولك، إذا أسرف فيه وتعدى، وأما التفريط فهو التواني، يقال منه فرطت في هذا الأمر حتى فات، إذا تواني فيه (?).
ونخلص مما سبق أن معنى الإفراط: تجاوز الحد، والتقدم عن القدر المطلوب وهو عكس التفريط سيأتي:
وقد تبين مما سبق من تعريفي الغلو والإفراط أن كلا منهما يصدق عليه تجاوز الحد، وقد فسر الغلو بالإفراط كما سبق وإن كل واحد منهما يحمل م عنى أبلغ من الثاني في بعض ما يستعمل فيه، فالذي يشدد على نفسه بتحريم بعض الطيبات، أو بحرمان نفسه منها وصف الغلو ألصق به من الإفراط، والذي يعاقب من اعتدى عليه عقوبة يتعد بها حدود مثل تلك العقوبة وهكذا.
والذي يهمنا في هذا المبحث أن كلا من الغلو والإفراط خروج عن الوسطية، فكل أمر يستحق وصف الغلو أو الإفراط فليس من الوسطية في شيء.