وقول الآخر:
تجرى الأمور على حكم القضاء وفي ... طي الحوادث محبوب ومكروه
وربما سرني ما كنت أحذره ... وربما ساءني ما كنت أرجوه (?)
24 - ومن ثمراته عزة النفس والقناعة والتحرر من رق المخلوقين:
فالمؤمن بالقدر يعلم أن رزقه مكتوب، وأنه لن يموت حتى يستوفي رزقه، ويدرك أن الله كافيه وحسبه ورازقه، وأن العباد مهما حاولوا إيصال الرزق له، أو منعه عنه فلن يستطيعوا إلا بشيء قد كتبه الله، فينبعث بذلك إلى القناعة وعزة النفس، والإجمال في الطلب وترك التكالب على الدنيا والتحرر من رق المخلوقين، وقطع الطمع مما في أيديهم، والتوجه بالقلب إلى رب العالمين، وهذا أسس فلاحه ورأس نجاحه، ومن جميل ما يذكر في هذا المعنى ما ينسب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قوله:
أفادتني القناعة كل عز ... وهل عز أعز من القناعة
فصيرها لنفسك رأس مال ... وصير بعدها التقوى بضاعة
تحز ربحًا وتغنى عن بخيل ... وتنعم في الجنان بصبر ساعة (?)
25 - سكون القلب وطمأنينة النفس وراحة البال: فهذه الأمور من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر، وهي هدف منشود، فكل من على وجه البسيطة يبتغيها ويبحث عنها، وإنك لتجد عند خواص المسلمين من العلماء العاملين، والعباد القانتين المتبعين، من سكون القلب، وطمأنينة النفس ما لا يخطر على بال، ولا يدور حول ما يشبهه خيال، فلهم في ذلك الشأن القدح المعلى والنصيب الأوفى فهذا أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - يقول: (أصبحت ومالي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر) (?).