هذه المسألة من أخطر مسائل القدر، ولقد زلت فيها أقدام، وحارت فيها عقول وأفهام، فقد اختلف الناس هل الأفعال والأعمال الصادرة عن العباد مخلوقة لله عز وجل مقدورة له، أم لا؟ وافترقوا في ذلك إلى طرفين وواسطة.
الطرف الأول (الجبرية): سموا بذلك نسبة إلى الجبر لقولهم به في باب القدر.
والجبر هو: إسناد فعل العبد إلى الله (?) أو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب تعالى (?).
الطرف الثاني القدرية: وقولهم في أفعال العباد أنها غير مخلوقة لله عز وجل، وأنهم هم المحدثون لها دونه، وهذا أصل من أصول مذهب المعتزلة (?).
الواسطة بين الطرفين (وهم أهل السنة):
قولهم في أفعال العباد هو:
1 - أنها مخلوقة لله عز وجل على الحقيقة.
2 - وهي فعل للعباد على الحقيقة.
3 - وأنهم قادرون على أفعالهم بقدرة حقيقية مؤثرة في وقوع الفعل منهم، والله هو الذي أقدرهم على ذلك، هذا هو مجمل قول أهل السنة في هذه المسألة، والذي عليه سلف الأمة وأئمتهم، قال محرر مذهب أهل السنة وضابط أصوله وقواعده بحق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأما جمهور أهل السنة المتبعون للسلف والأئمة فيقولون: إن فعل العبد فعل له حقيقة، ولكنه مخلوق لله مفعول لله، لا يقولون هو نفس فعل الله، ويفرقون بين الخلق والمخلوق والفعل والمفعول) (?).