وقوله:

حتى نجا من خوفه وما نجا

فقيل: كيف تكون معطية منوعاً وكيف ينجو ولا ينجو لكان دالاً على جهْل المدّعي وقصورِ علمه عن الأغراض.

وقوله:

يفضَحُ الشسَ كلّما زرّتِ الشمْ ... سُ بشمسٍ منيرةٍ سوْداءِ

قالوا: الشمسُ لا تكونُ سوداءَ، والإنارة تضادّ السوادَ، فقد تصرّف في المناقضة كيف شاء.

قال المحتجّ: إنه لم يجعلُه شمساً في لونِه فيستحيلُ عليه السوادُ. وللشعراء في التشبيه أغراض، فإذا شبّهوا بالشمس في موضع الوصفِ بالحُسنِ أرادوا به البهاء والرّوْنَق والضياءَ، ونُصوعَ اللونِ والتمام، وإذا ذكروه في الوصف بالنّباهة والشُهرة أرادوا به عمومَ مطْلعها وانتشار شُعاعها، واشتراك الخاصّ والعام في معرفتِها وتعظيمها. وإذا قرنوه بالجَلال والرِّفعة أرادوا به أنوارها وارتفاع محلها. وإذا ذكروه في باب النفع والإرْفاق قصدوا به تأثيرَها في النّشوء والنّماء، والتحليل والتصفية. ولكل واحدٍ من هذه الوجوه بابٌ مُفرد، وطريقٌ متميّز؛ فقد يكون المشبَّه بالشمس في العلوّ والنَباهة، والنّفْعِ والجَلالة أسود، وقد يكون منيرَ الفعال كمِدَ اللوْن، واضحَ الأخلاق كاسِفَ المنظَر؛ فهذا غرضُ الرجل؛ غير أن في اللفظ بشاعةً لا تُدفَع، وبُعْداً عن القبول ظاهر.

وقوله:

لا يأتَلي في ترْكِ أنْ لا يأتَلي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015