فهمهم.. لقد ابتدعوا من الأدلة ما هو خلاف الكتاب والسنة رغبة للغلبة وقهر المخالفين، ثم اتخذوها دينا واعتقادا بعد ما كانت دلائل الخصومات والمعارضات، وضللوا من لا يعتقد ذلك من المسلمين ... ومن خالفهم وسموه بالجهل والغباوة1. هكذا يصور إمام السنة موقف المخالفين منهم وتشنيعهم عليهم.
ولقد تناهى السلف فيما بينهم عن منازلة خصومهم في محاورة أو مناظرة أو ما شابه ذلك؛ خوفا من استعمال الألفاظ المجملة التي يطلقونها في النفي والإثبات, والتي يلبسون بها الحق بالباطل؛ ليخدعوا بها جهال الناس.
ولقد أشار الإمام أحمد إلى ذلك الخطأ المنهجي عندهم في أول كتابه "الرد على الجهمية" فقال: الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى ... إلى أن قال: ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، يخدعون جهال الناس بما يشبهون، فنعوذ بالله من فتن