السببية الكامنة فيه؛ لأن ذلك كله يرتبط برسالة الإنسان في هذا الكون والهدف من وجوده، واستخلافه في الأرض وتنفيذه للأمر القرآني باستعمارها.
وهذه المهام لا تتم للمسلم إلا باكتشاف قوانين الأشياء ومعرفة العلاقات السببية فيها؛ ليستطيع أن يحقق فيها المعنى الإلهي المقصود من تسخير هذا العالم من سمائه إلى أرضه لصالح الإنسان.
ولقد شاع العلم بهذه الآيات القرآنية التي تأمر العقل بالنظر والتأمل، وأصبحت معروفة للعامة والخاصة؛ ولذلك سوف أعفي نفسي من سردها في هذا المختصر، ولكن الذي يلفت النظر وأنبه إليه أن منهج القرآن في سوق هذه الآيات كان يأخذ بمبدأ التدرج والترقي من مستوى معرفي إلى مستوى آخر أرقى وأدق، ويفتح أمام العقل مجالات للنظر وآفاقا أرحب للتأمل كان يجهلها العقل من قبل؛ لتكون مسرحا لنظره العقلي وعمله الفكري، فالكون كله قد أعده الخالق سبحانه وجعله مهيأ للنظر العقلي ليجعل منه حبلا ممدودا وسببا موصلا بين الإنسان العارف وموضوع المعرفة من جهة وغاية هذه المعرفة وهدفها من جهة أخرى؛ ولذلك كانت آيات القرآن المتصلة بهذا الموضوع تختم غالبا بقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} , أو {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} .
1- ونجد آيات القرآن في هذا الصدد تأمر الإنسان بالنظر إلى البيئة التي يعيش فيها الإنسان, وما فيها من أصناف الموجودات من