3- وقد يكون الوحي بالكلام من وراء حجاب, كما أوحى الله إلى نبيه موسى عليه السلام. قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} ، {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} ، {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} ، {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} ، {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى} ، {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى، وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى، إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 11-14] .
ومن المفيد هنا أن ننبه إلى أن وحي الرسالات التشريعية قاصر على النوع الأول فقط، فلم تفرض الفرائض والتكاليف الشرعية إلا بواسطة ملك الوحي جبريل1، أما بقية أنواع الوحي الأخرى فهي وسائل إعلام من الله لمن شاء من عباده بأمر معين؛ ليعملوا به فقط وليبلغوه لأقوامهم على سبيل التكاليف الشرعية التي هي الأوامر والنواهي, ومما يدل على أن الوحي وسيلة إعلام وتعليم أن الله تعالى قد يوحي إلى بعض مخلوقاته تعليما لهم وإلهاما بما يريده الحق منهم، كما أوحى سبحانه إلى النحل. قال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 68، 69] .