ورثة الأنبياء في العصور التالية. إنها نفس المشكلات, ونفس القضايا، ونفس الاتهامات التي وجهها المعاندون للأنبياء قديما, هي بعينها التي يوصف بها ورثة الأنبياء فيما بعد.
لقد ظهر في تاريخ الأنبياء من أنكر وجود الله وقال بالدهر أو بالطبيعة أو بالمصادفة. وظهر في عصرنا الحاضر من أنكر وجود الله أو كما سماه بعضهم "بالمطلق" أو المفارق, وقال: إنه غيب والغيب عنده خرافة ينكرها العقل ويأباها الواقع. بل زاد بعضهم على ذلك وجعل إيمان المسلمين بالغيب سببا في تخلفهم عن الحضارة وعدم مواكبتهم لعصر النهضة, وجعل الإيمان بالغيب رمزا للجمود والرجعية, وقال: إن الدعوة إلى الإيمان بالغيب هي دعوة للتخلف ومحاربة العقل والعقلانية, وأصحاب هذه الدعوة ظلاميون رجعيون.
كما سمعنا من بعضهم من قال: إن الله فكرة وهمية ينبغي أن يتخلص منها العقلاء.
ولقد ظهر في تاريخ الأنبياء من أنكر النبوة والوحي، وقال: ما أنزل الله على بشر من شيء. وظهر في عصرنا من تنكّر لقضية النبوة والوحي, وقال ويقول بتاريخية الأديان, أي: إنها ظاهرة تاريخية أفرزتها طبيعة المجتمعات الإنسانية لظروف اجتماعية معينة, وينبغي أن تختفي هذه الأديان بمجرد أن تختفي أسبابها التاريخية وليس هناك كتاب مقدس ولا وحي متبع، وينبغي أن يجعل العقل إلهنا بدلا من