من أين, إلى أين, لماذا؟ والذين اكتفوا بالموقف الفلسفي المادي في تفسيرهم للوجود ورفضوا الإصغاء لصوت الوحي لم يجدوا ما لهم بديلا عنه إلا القول بالعبثية. ودخلوا بذلك في نفق الإلحاد المظلم الذي كانت نهايته إما الانتحار وإما الارتماء في أودية الحيرة والضلال، وهم بذلك لم ينصروا حقا ولم ينصفوا عقلا.

إن سر الوجود لم يكشف عنه العلم لأن ذلك ليس من وظيفة العلم ولا من مهمة العلماء؛ لأن مهمة العلم هي الكشف عن القوانين التي تحكم علاقة الظواهر الطبيعية, وكيف يفيد الإنسان منها، وكيف يسخرها لصالحه.

إن مهمة العلم وصف الظواهر بحيث يبين لنا ما هي, وكيف حدثت الظاهرة, وإنه يبين لنا الإجابة عن السؤال: ما هذا؟ ولكن ليس لدى العلم إجابة عن السؤال لماذا.... لماذا كان هذا الوجود أصلا؟ ولماذا كان هذا الوجود على هذه الكيفية دون غيرها؟ إن العلم يضع أمام الإنسان مشاهدات للوقائع التي يتعامل معها في كشوفه العلمية، ولكنه لا يحمل الغاية منها، فالإنسان يأكل الطعام, ويعرف الطبيب كيف يتحول الطعام في جسم الإنسان إلى طاقة عن طريق الهضم والتمثيل الغذائي خلال الجهاز الهضمي ودوره المعروف للأطباء في هذه العملية، ولكن لا يعرف الطبيب لماذا تتحول هذه الطاقة في العين إلى قوة باصرة، ولا يعرف لماذا تتحول هذه الطاقة في الأذن إلى قوة سامعة، ولا لماذا تتحول هذه الطاقة في اليد إلى قوة باطشة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015