لا ريب أن العقل قد وقف على كثير من المعارف المتعلقة بعالم الشهادة وكشف العلم عن كثير من أسرار هذا الكون وقوانينه, وأصبح عالم الشهادة أمام العقل أشبه بالصفحة المقروءة التي يتعامل معها العقل فيفهم منها على قدر استطاعته, ولكي يتكامل الموقف المعرفي أمام العقل فإن ذلك لا يتم له إلا إذا عرف العقل الإجابة اليقينية عن الأسئلة المطروحة عليه منذ الأزل, وهي كلها متعلقة بهذا الكون بدءا ونهاية: من أين, وإلى أين, ولماذا. وهذه المعرفة اليقينية لا سبيل للعلم إليها لأنها ليست داخلة في اختصاص العلم التجريبي كما أنه لا يملك الإجابة عليها وقد جرب العقل الإجابات المطروحة حول هذه الأسئلة خلال موقف المدارس الفلسفية المختلفة فلم يجد فيها أمنا ولا يقينا بل زادته حيرة وشكوكا، فمن قائل بالعبثية المطلقة في تفسيره للوجود بعامة.
ومن قائل بالصدفة.
ومن قائل بالطبيعة والدهر. وكلها إجابات لم تشف للعقل علة ولم ترو للسائل غلة.