القلب ويقينه، وهذان العاملان من أهم عوامل تحقيق السعادة للإنسان.
ذلك أن النفس الإنسانية تتعدد رغائبها وتتنوع، وتختلف مراداتها وقد تتعارض، فهي لا تشبع أبدا من تحصيل الرغبات وتحقيق المرادات، وكلما حصلت على رغبة تخطّتها إلى غيرها وهكذا؛ لأن هذا من تمام كونها نفسا، حتى إن بعض العلماء عرف النفس بأنها الحركة سواء نطقت نَفْسا أو نَفَسا بالسكون أو بالفتح, وذلك باعتبار أن الحركة من لوازم النفس ومن خصائصها. فإذا ما تسلطت حركة النفس على صاحبها واستخدمته في تحقيق رغباتها التي لا تنتهي فإن حياته تنقلب إلى شقاء أبدي، فيسعى لاهثا في تحصيل مطالبها. وهي التي لا تشبع أبدا، ولكي تستقر حياة الإنسان ويتحقق لنفسه التوازن المطلوب ليشعر بالسعادة، لا بد له من كبح جماح هذه الرغبات, ليس بإماتتها أو محاربتها وقتلها, وإنما بترشيدها وترويض النفس على الاعتدال في مطالبها. وهذا لا يتحقق للمرء إلا بالسيطرة على نفسه وأن يملك زمامها، والمدخل الطبيعي إلى حسن قيادة النفس هو الاعتقاد بما جاء به الوحي، والإيمان به والعمل بمقتضاه, فتكون أوامر الشرع ونواهيه هي الغذاء الروحي والرياضة النفسية التي تضبط حركة النفس وتقوّم المعوج منها، هي الماء العذب الذي يطفئ حرارة الشهوة ويكبح جماحها، هي البرد الذي ينزل بالقلب فيبعث فيه الأمان والاطمئنان والهدوء والسكينة،