الميتة فإنه حرام في أصل وضعه الشرعي, لكن الشارع أجازه استثناء عند الضرورة في قوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} فإذا زالت الضرورة عاد الوضع إلى أصل الحكم وهو تحريم أكل الميتة. ففي هذه الحالات الاستثنائية لا يقال: إن الحكم فيها تغير في أصل وضعه الشرعي، ولا يقال: إن الوحي هنا تابع للواقع يتغير بتغيره، بل الأصل في ذلك أن الواقع هنا تابع للوحي وأن الوحي هو الذي ينظم الواقع ويضبط أحواله بضوابط الشرع, وليست حالات الضرورة هنا تمثل أحكاما جديدة وإنما هي استثناء من الحكم الأصلي كما سبق. ومن هنا فقد وضع علماء الأصول مجموعة من القواعد الكلية التي تضبط هذه الحالات الاستثنائية, وتيسر على الناس الأخذ بمبدأ التيسير، فقالوا: الضرورات تبيح المحظورات.

وإن الضرورة تقدر بقدرها.

وإنه لا ضرر ولا ضرار.

{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} "قاعدة رفع الحرج".

درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

إن التفرقة بين القطعيات والظنيات في أحكام الشريعة أمر على جانب كبير من الأهمية, حتى لا تختلط المسائل وتضيع ضوابط الأحكام في غمرة الادعاء والنشوة التي يحسها البعض تحت شعار التطوير والمعاصرة، فلا يجوز لمسلم أن يقول: إن الربا كان حراما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015