فيقول: إن الوحي كان في عصر الرسالة تابعا للواقع يتطور معه ويتغير استجابة للظروف الاجتماعية، وإن أسباب النزول توضح لنا أن الآية كانت تنزل تلبية لحاجات الواقع واستجابة له، وإن الوحي كان يتبع الواقع ولم يكن الواقع تابعا للوحي.
وهذا الكلام التبريري لا فائدة فيه؛ ذلك أن العلم بأسباب النزول يوضح لنا أن القرآن الكريم منه ما كان ينزل لأسباب معينة ومسائل محددة, وهذا القدر لا يتجاوز عدد آياته خُمْس آيات القرآن الكريم، أما الأعم الأغلب من القرآن الكريم فكان ينزل ابتداء تعليما وتربية وتوجيها وتغييرا للواقع وتطويرا له.
كانت تنزل الآيات إجابة على أسئلة سأل عنها الصحابة, فتنزل الآية بالحكم الشرعي، فيستجيب الصحابة ويتبع المسلمون هذا الحكم ليصبح قاعدة شرعية يجب اتباعها, كما في قوله تعالى:
1- {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] .
2- {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] .
3- {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219] .