حين ربطت هرطقتها وآراءها بالوحي، وحين ادعت أن ما يقول به العلماء يناقض الوحي ويعارضه.
ولقد انتقل هذا الموقف بكامل حيثياته وملابساته إلى العالم الإسلامي، وتبنى العلمانيون العرب في مصر وفي غيرها الدعوة إلى أحد أمرين:
1- إما التخلص من الوحي كلية, وبدعوى أنه يمثل قيدا على حركة العقل ويعوق حركة التقدم والتطور, فلا بد من الانتقال من العقيدة إلى الثورة عليها طلبا للتغيير.
2- وإما إخضاع الوحي للواقع، ويفسر نصوص الوحي في ضوء واقعنا نحن، وفي ضوء ظروفنا نحن بدلا من أن نخضع واقعنا, وظروفنا للنصوص.
هكذا يعلنون صراحة وفي جرأة لا تنقصها العزيمة ولم يدر بخلدهم أن يعرفوا الفرق بين الإسلام والكنيسة، أو يتساءلوا عن مصدر الوحي في الكنيسة وعن مصدر الوحي في الإسلام. إن الوحي في الإسلام ليس من عند محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا من إنشائه، وإن الوحي في الإسلام قد انقطع بموت محمد -صلى الله عليه وسلم وعلى إخوته من النبيين والمرسلين- ولم يدع أحد في الإسلام أنه ينزل عليه الوحي أو أن كلامه معصوم من الخطأ حتى يطلب من الجميع الإيمان به. إن ذلك كله لا مكان له في الإسلام، وهو نفسه مصدر الخلاف بين العلماء والكنيسة في أوروبا.