يسميها مقتضيات, فإن هذا نزاع لفظي لا يلتفت إليه هنا لأن المقصود هنا هو بيان أن المسبب لا يحصل إلا بتوفر هذه العوامل المساعدة لسببه ولا مشاحة في تسميتها سببا أو شرطا، وينبغي ألا يصرف نظرنا هذا الخلاف اللفظي عن دور هذه الأسباب المساعدة في التأثير في الفعل, وتوقف الفعل عليها. وحينئذ فلا بد في كل سبب مؤثر من توفر ثلاثة أمور:
1- وجود المقتضي التام للفعل.
2- توفر الأسباب المساعدة أو الشروط الخارجية.
3- انتفاء المانع العائق.
فإذا تحققت هذه الشروط الثلاثة في السبب فلا بد أن يوجد المسبب، أما أن يكون في الوجود علة تامة تستلزم معلولها، أو يكون في الوجود سبب تام مستقل بالتأثير, فهذا قول باطل يكذبه الواقع، ولا فرق في ذلك بين الأسباب الطبيعية في الكون والأسباب الإنسانية في حركة المجتمع, فقد يكون هناك عائق أقوى من السبب فيمنعه عن التأثير، وهذا ما عبر عنه القدماء في قولهم: إن السبب لا يستقل بالتأثير, بل لا بد من ارتفاع الموانع التي قد تعوق السبب عن التأثير في المسبب، وهذه الموانع منها ما نعلمه ومنها ما لا نعلمه, وهي كلها بيد الله سبحانه وتعالى فهو سبحانه المسبب الأول، فهو الذي يجعل السبب مؤثرا وفي نفس الوقت يجعل المحل غير قابل للأثر, فلا ينفعل