غير مرتب له، ولا قاصد إلى ما وجد منه فيها دون ما كان يجوز وقوعه عليها من الهيئات المخالفة لها، وجواز تقدمها في الزمان وتأخرها، وحاجتها بذلك إلى محدثها ومرتبها، ثم يضرب مثالا شارحا لمعنى القصد والإرادة الإلهية والغاية المطلوبة وتحققها دون غيرها فيقول: "لأن سلالة الطين والماء المهين يحتمل من الهيئات ضروبا كثيرة لا يقتضي واحد منها سلالة الطين ولا الماء المهين بنفسه، ولا يجوز أن يقع شيء من ذلك فيها بالاتفاق لاحتمالها لغيره، فإذا وجدنا ما صار إليه الإنسان في هيئته المخصوصة به دون غيره من الأجسام، وما فيه من الآلات المعدة لمصالحه كسمعه وبصره وشمه وحسه وآلات ذوقه، وما أعد له من آلات الغذاء التي لا قوام له إلا بها على ترتيب ما قد أحوج إليه من ذلك، حتى يوجد في حال حاجته إلى الرضاع بلا أسنان تمنعه من غذائه، وتحول بينه وبين مرضعته، فإذا نقل من ذلك وأحوج إلى غذاء ولا ينتفع به ولا يصل منه إلى غرضه إلا بطحنها له، جعل له منها بقدر ما به الحاجة في ذلك إليه، والمعدة المعدَّة لطبخ ما يصل إليها من ذلك وتلطيفه حتى وصل إلى الشعر والظفر وغير ذلك من سائر الأعضاء، في مجار لطاف قد هيئت لذلك بمقدار ما يقيمها، والكبد المعدَّة لتسخينها بما يصل إليها من حرارة القلب، والرئة المهيأة لإخراج بخار الحرارة التي في القلب، وإدخال ما يعتدل به من الهواء البارد وباجتذاب المناخر له وما فيها من الآلات المعدة لخروج ما يفضل من الغذاء عن مقدار الحاجة في مجار ينفذ منها ذلك ... وغير ذلك مما يطول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015