ويأس الضعفاء وطمع الأقوياء وتفشي المحسوبية والوساطات, وهذا أخطر ما تصاب به المجتمعات؛ ولذلك فقد ربط القرآن الكريم بين الظلم والإهلاك في أكثر من آية. قال تعالى:
{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: 13] .
{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} [الكهف: 56] .
{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [يونس: 39] .
وهذه إحدى السنن الكونية في الاجتماع البشري، وهي لا تتخلف أبدا, سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا. ولا يغيب عن الذهن أن السنن الكونية لا علاقة لها بالدين أو الثقافة, فمتى وجدت أسبابها وقعت النتائج، سواء كانت الأسباب في أمة كافرة أو أمة مسلمة؛ لأن أسباب استقرار الملك أو انهياره لا علاقة له بدين ولا ثقافة. ولذلك كان من مواريث أمتنا أن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة، وهذا أمر ينبغي أن يستقر في أذهان الجميع حتى إذا نظر المسلم المعاصر حوله في شرق البلاد وغربها, فوجد بلاد أوروبا وأمريكا قد استقرت فيها الممالك وازدهرت فيها مظاهر العمران, وسادت لغة العلم فلا يعتبر ذلك خروجا عن السنن الإلهية في الكون، فهذا أمر طبيعي, حيث ساد العدل واختفى الظلم، وأصبح العالم آمنا في بيته، وآمنا على عرضه، وآمنا على ماله، وكان للإنسان هناك قيمة، ولكلمة العلم وصوت العالم أثر، وتلك مؤشرات الاستقرار والأمان.