وأخذت العلمانية تنشر على المجتمع مبادئها لتحل محل تعاليم الكنيسة، وأخذت مظاهر التقديس التي كانت تحظى بها التعاليم الكنسية تختفي أو تتلاشى من قلوب أتباعها، وأخذ العقل يحتل مكان الوحي، وتحولت نظرة العلماء وتقديسهم للمطلق "الله" إلى الكون والإنسان فكانت الطبيعة هي قبلتهم والإنسان محل تقديسهم، والاهتمام بما هو دنيوي حل محل الاهتمام بكل ما هو أخروي، كذلك كانت علاقة الإنسان بالطبيعة قائمة على أساس قطع الصلة بينها وبين ما هو غيبي "الله" ومصدر قوة الإنسان عندهم ليست مستمدة من قوى غيبية بل من قوة سيطرته على الطبيعة وقامت النزعة العلمانية على هذا الأساس؛ بتر الصلة بين كل ما هو دنيوي وما هو أخروي، وصار الواقع الفعلي الذي يعيشه المرء أولى بالاهتمام من كل ما هو غائب عن هذا العالم. وخلال هذا التحول الخطر من الإيمان باللاهوت إلى تقديس الطبيعة تبدلت مفاهيم كثيرة وظهرت قيم جديدة، احتلت مكان الصدارة في حياة الإنسان الأولى.

فتحولت النظرة إلى الكون من النظرة اللاهوتية المطلقة لتجعل الإنسان والكون محور الوجود كله ومركزه، وليست هذه النظرة مستمدة من الوحي وإنما أساسها العقل الرافض لكل ما هو لاهوتي، وليس الكون والإنسان علامات يستدل بها على موجود خالق لها "الله" بل هما مستقلان تماما في وجودهما عن أي موجود حقيقي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015