روى أحمد، ومسلم، وأبو داود عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه»، وللشيخين والترمذى عن سويد بن مقرن قال: «كنا بنى مقرن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليس لنا إلا خادمة واحدة فلطمها أحدنا فبلغ ذلك النبى صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أعتقوها». وقيل له إنه ليس لبنى مقرن خادم غيرها فرخص لهم باستخدامها ما دامت الحاجة وإطلاقها إذا زالت».
وروى مسلم وغيره عن أبى مسعود البدرى قال: «كنت أضرب غلاما بالسوط فسمعت صوتا من خلفى: «اعلم أبا مسعود» فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلما دنا منى إذا هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا هو يقول: «اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود» فألقيت السوط من يدى، وفى رواية فسقط من يدى السوط من هيبته فقال: «اعلم أبا مسعود أنّ الله أقدر منك على هذا الغلام» - وفى رواية عليه- فقلت: يا رسول الله هو حر لوجه الله فقال: «أما لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار».
فهذا وما قبله بعض هدى الرسول فى الرحمة ومعاملة الرقيق الذى لا يزال يصفه رجال الكنيسة ورجال السياسة من الإفرنج وتلاميذهم بما علم القاصى والدانى من الكذب والإفك والبهتان، كيف لا وهو الرحمة العامة للعالمين.
8 - التدبير عتق لازم، وينعقد بقول السيد لعبده: أنت مدبر، وأنت حرّ عن دبر منى، أى بعد أن أدبر عن هذه الدنيا، وكذا أنت حرّ بعد موتى، إذا قصد به التدبير، فإن أطلق ولا قرينة، فبعض العلماء يرجح أنه تدبير تقوية لجانب العتق الذى هو من مقاصد الشرع الأساسية ومنهم من يرجح جانب الوصية.
ومن أحكام التدبير أنه لازم فى الحال لا يجوز الرجوع عنه كالوصية، وأنه لا يجوز للمدبر (بالكسر) بيع المدبر (بالفتح) عند مالك وأبى حنيفة وأن من دبر بعض مملوكه وهو مالك له كله سرى العتق إلى باقيه، وقال جمهور العلماء: إن أولاد الجارية المدبرة تابعون لها فى العتق والرق فإذا عتقت عتقوا معها.
9 - عتق أمهات الأولاد- وهو أنّ الجارية التى تلد لسيدها ولدا تصير حرّة من رأس ماله بعد موته فلا تدخل فى ملك الورثة ولا يجوز له بيعها فى حياته عند جمهور السلف والخلف وأولهم عمر وعثمان رضى الله عنهما.
ففي حديث عمر عن الإمام مالك: «أيّما وليدة ولدت من سيدها فإنه لا يبيعها ولا يهبها