الإنسان؛ لأنه لم يكن يعلم أنه سيكون مثله أو مثل الآلهة (?)، وزعموا أنه كان يظهر فى شكل الإنسان حتى إنه صارع إسرائيل، ولم يقدر على التفلت منه حتى باركه فأطلقه (?)، وعبدوا بعلا وغيره من الأصنام.
والنصارى جدّدوا من عهد قسطنطين الوثنيات القديمة، واتخذوا المسيح ربا وإلها وعبدوا القديسين وصورهم، حتى صارت كنائس النصارى كهياكل الوثنية الأولى مملوءة بالصور والتماثيل المعبودة. على أنّ عقيدة التثليث والصّلب والفداء التى جعلوها أساس الدين- بل الدين كله- هى عقيدة الهنود فى كرشنة وثالوثة فى جملتها وتفصيلها وهى مدعومة بفلسفة خيالية غير معقولة، وبنظام يقوم بتنفيذه الملوك والقياصرة، وتبذل فى سبيله القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، ويربى عليه الأحداث من الصغر تربية وجدانية خيالية لا تقبل حجّة ولا برهانا، فغمر الشرك بالله هذه الأرض بطوفانه وطغت الوثنية على أهلها.
هدم القرآن معاقل هذه الوثنية وحصونها المشيدة فى الأفكار والقلوب، وما كان ليتم هذا بإقامة برهان عقلى أو عدة براهين على توحيد الله عزّ وجلّ؛ بل لا بد فيه من دحض الشبهات، وتفصيل الحجج العقلية والعلمية والمواعظ الخطابية بالعبارات المختلفة وضرب الأمثال. لذلك كان أكثر المسائل تكرارا فى القرآن مسألة توحيد الله عزّ وجلّ فى ألوهيته بعبادته وحده، واعتقاد أنّ كلّ ما سواه من الموجودات سواء فى كونهم ملكا وعبيدا له، لا يملكون من دونه نفعا ولا ضرا لأحد، ولا لأنفسهم إلا فيما سخره من الأسباب المشتركة بين الخلق.
وأمّا تكرار توحيد الربوبية، وهو انفراده تعالى بالخلق والتقدير والتدبير والتشريع الدينى فليس لإقناع المعطلين والمشركين بربوبيته تعالى فقط. بل أكثره لإقامة الحجة به على بطلان شرك العبادة بدعاء غير الله تعالى لأجل التقرب إليه بأولئك الأولياء وابتغاء شفاعتهم عنده.
فشر الشرك وأوغله فى إفساد عقائد المؤمنين بالله من ضعفاء العقول. وحملهم على التدين بالأوهام والخرافات المخالفة لما أثبتته التجارب من سنن الله فى المخلوقات (?)؛ إنما هو توجه