الوحي المحمدي (صفحة 106)

فنهاه أشراف المشركين بأن العلة لا تزال، وأنهم يخشون أن يغلبهم نساؤهم وأولادهم على الإسلام، حتى ألجئوه إلى الهجرة فهاجر فلقى فى طريقه ابن الدغنة (?) سيد قومه فسأله عن سبب هجرته فأخبره الخبر، وهو يعرف فضائل أبى بكر من قبل الإسلام فأجاره وأعاده إلى مكة بجواره أى حمايته، ومنعه منهم.

وخبره هذا رواه البخارى فى باب الهجرة من صحيحه وفيه ما نصه: «فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة (أى أجازته) وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه فى داره، فليصل فيها وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا (?)، فقال ذلك ابن الدغنة لأبى بكر، فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه فى داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ فى غير داره، ثم بدا لأبى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلى فيه ويقرأ القرآن فينقذف عليه (?) نساء المشركين وأبناؤهم، وهم يعجبون عنه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن.

وأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم، فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك، على أن يعبد ربه فى داره، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره فأعلن الصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه فى داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد إليك ذمتك، فإنا قد كرهنا أن نخفرك (?)، ولسنا مقرين لأبى بكر الاستعلان، قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبى بكر فقال: قد علمت الذى عاقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلى ذمتى، فإنى لا أحب أن تسمع العرب أنى أخفرت فى رجل عقدت له، فقال أبو بكر: فإنى أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله عزّ وجلّ» أ. هـ.

قلنا: إن هذا التأثير هو الذى حملهم على صد النبى صلّى الله عليه وسلم بالقوة عن تلاوة القرآن فى البيت الحرام وفى أسواق الموسم ومجامعه، حتى إنهم كانوا يقذفونه بالحجارة، وهو سبب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015