الخاصين بالتبعيض، والجمع بين العام والخاص بالتخصيص، وهو ما سبق بيانه في مباحث الدلالات.
مثال الجمع بين العامين بالتنويع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أخبركم بخير الشُهداء؟ هو الذي يأتي بالشهادة قبل أن يُسألها" (?)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خيرُ أمتي القرن الذي بُعثت فيه، ثم الذين يَلُونَهم، ثم الذين يَلُونهم، ثم يَخلفُ قومٌ يَشْهدون قبل أن يُسْتشهدوا" (?)، فالحديث الأول يجيز قبول الشهادة قبل الطلب والسؤال، سواء في حقوق اللَّه، أو في حقوق العباد، ويثني على ذلك بالفضل الكبير، والحديث الثاني لا يجيزها أصلًا قبل الطلب؛ لأنها وردت في مَعرض الذَّم والقدح، مما يدل على استنكارها ورفضها، ويجمع بين الحديثين بحمل الأول على نوع من الحقوق، وهي حقوق اللَّه تعالى فقط، وتكون الشهادة حِسْبَة، ويحمل الحديث الثاني على نوع آخر، وهي حقوق العباد.
ومثال الجمع بين النصين المطلقين بالتقييد أن يقول شخص: أعط فقيرًا، ويقول مرة أخرى: لا تعطِ خالدًا، فيقيد الأمر بالمتعفف، والنهي بالمتسول.
ومثال الجمع بين الخاصين بالتبعيض أن يقول شخص: أعطِ خالدًا، ويقول مرة أخرى: لا تعطِ خالدًا، فيحمل الأمر على إعطائه حال الاستقامة، والنهي على منع الإعطاء حال الانحراف.
ومثال الجمع بين العام والخاص بالتخصيص قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فإنه نص عام على وجوب العدة على كل مطلقة، سواء وقع الطلاق قبل الدخول بها أو بعده، ولكنه خصص بالمطلقات قبل الدخول بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49]،