المفسر، وترجيح العبارة على الإشارة، وترجيح الحظر على الإباحة، وترجيح أحد خبري الآحاد بضبط الراوي أو عدالته، أو فقهه، أو نحو ذلك كما سيأتي.
واستدل الحنفية في تقديم الترجيح على الجمع بين النصين بأن الراجح ملحق بالمتيقن، فيعمل به، وأن العمل بالراجح واجب، وتركه خلاف المعقول والإجماع، وأن ترجيح أحد الدليلين على الآخر يمنع المعارضة أصلًا؛ لأن الترجيح مبني على التعارض، والتعارض مبني على التماثل، وعند الترجيح فلا تماثل، ولا تعارض، وإنما يعمل بالأقوى ويترك الأضعف؛ لأنه في حكم العدم بالنسبة إلى القوى، فكأنه فقد شرط التعارض أصلًا (?).
واعترض عليهم بأن العمل بالراجح الحقيقي واجب عقلًا، ولا يصح تركه، أما التعارض الظاهري فلا ترجيح، وإنما يعتبر الدليلان معًا، وأن التعارض من حيث الظاهر فقط، وقد تحقق التعارض بين الأقوى والأضعف ظاهرًا، فإذا زال التعارض الظاهري، بقي معنا دليلان صحيحان، فيجب العمل بهما معًا، ولا يجوز العمل بأحدهما، وإهمال الآخر.
وبناء على قول الحنفية قدّم أبو حنيفة رحمه اللَّه تعالى حديث: "استنزهوا من البول" (?)، على ما ورد من شرب العُرَنيّين أبوال الإبل (?)، لمرجح التحريم والحظر على الإباحة، ولأن دفع الضرر أولى من جلب المنفعة.
إذا تعذر الترجيح بين النصين، لجأ المجتهد إلى الجمع، أي: للتوفيق بين النصين؛ لأن إعمال الدليلين أولى من إهمالهما، أو إعمال أحدهما وإهمال الآخر.
وطرق الجمع عند الحنفية كثيرة بحسب طبيعة النصين، كالجمع بين العامين بالتنويع، والجمع بين النصين المطلقين بالتقييد، والجمع بين