بمثل هذا القرآن، فعجزوا عنه مع أنه من جنس كلامهم، ومن حروفه.
2 - الرأي الثاني: أنها أسماء للسور وأعلام لها تدل عليها ويستدلون على ذلك بأن أربع سور من القرآن قد سميت بهذه الحروف هي «طه، يس، ص، ق» كما أنه يروى عن النبي - صلّى الله عليه وسلم - أنه قال: «يس قلب القرآن».
3 - الرأي الثالث: أنها مما أقسم به الله سبحانه لشرفها وفضلها فمنها تتركب كلمات كتابه العزيز.
4 - الرأي الرابع: أنها ليست أدوات تنبيه مثل ألا، وأما، ولكنها أدوات غير مألوفة كي تلفت أنظارهم، ثم تأتي آيات القرآن الكريم بعد تمهيدهم لاستماعها.
فمثل هذا المبحث يقع أكثره فيما يخص العقيدة، وفيما يؤثر فيها من فاعلية سائر مكنوناته، فما من شيء فيه ورد عبثا دون فائدة.
أولا: من الإعجاز البلاغي:
قد تعددت آراء العلماء فيه:
أ - أن وجه الإعجاز راجع إلى التأليف الخاص به لا مطلق التأليف، وهو رأي الزملكاني عبد الواحد بن عبد الكريم المتوفى (651 هـ) صاحب كتاب البرهان في إعجاز القرآن.
وهو رأي جيد يتنبه لخصوصية تأليفه التي تفارق طرق تأليف كلام العرب.
ب - ورأي الباقلاني قريب منه ومؤداه أن القرآن خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلام العرب، ومباين لأساليب خطاباتهم ولذلك لا يمكن تعلمه أو الوصول إليه بالتدريب، وامتداد لهذه الفكرة يرفض كفاية أدوات البديع في أداء مثله، ويرفض أن يطلب إعجاز فيما ورد منها في النص القرآني، وواضح أنه متأثر بالجدل النقدي، وبالتيار الفني السائد في عصره وهو تيار البديع، الذي يقيم من البديع بأدواته الفنية عالم القصيدة، فقد لفتت نظره المهارة والصناعة العقلية التي يصاغ بها البديع في رأيه وإمكان التدريب عليها، شأن سائر الصناعات، فرفض أن يدرك مجازا القرآن بما في إمكان البشر ووسعهم، وتبدوا عقيدته ألسنتهم عند ما يناقش