التفاضلُ فيه كالبر، وما أخرجَ هذا أنْ يكونَ قياساً إلاَّ انتظامُ الشعيرِ والبرِّ جميعاً في نصِّ صاحبِ الشرع، فكانَ دخولُ الشعيرِ في نصِّهِ كدخولِ الحنطةِ، فلمْ يكنْ كون الحنطةِ أصلاً بأَوْلى من أنْ يكونَ الشعيرُ أصلاً للحنطةِ؛ لدخولهما جميعاً تحتَ النصِّ، كذلكَ ما دخلَ في العمومِ استغنى عنْ قياسِ أحدِ الداخلين على الآخرِ؛ لوجودِ التطوافِ المصرَّح بِهِ على الفأرةِ، كدخولِهِ على الهرِّ، ودخولُ الفأرةِ فيهِ كدخولِ الهرِّ، فلمْ يبقَ معَ هذهِ الجملةِ إلاّ أنْ يكونَ القياسُ مثلَ رؤية النعاسِ الشديدِ، والجوع المفرطِ، والخوفِ المحفزِ، والحزنِ، في حقِّ القاضي يقاسُ على الغضبِ؛ حيثُ قالَ - صلى الله عليه وسلم -:"لا يقضي القاضي حينَ يقضي وهوَ غضبانُ" (?)، فلمّا كانَ الجوعُ والخوفُ والحزنُ غيرَ داخلٍ في عمومِ قولِهِ: "وهوَ غضبانُ"، كانَ منعنا لَهُ منَ القضاءِ معَ هذهِ الأحوالِ مقيساً على الغضبِ بعلَّةٍ مستنبطةٍ منْ جهتِنا، حيثُ رأيْنا أنَّ كلَّ واحدٍ منْ هذهِ الأحوالِ مانعاً لَة منَ الثباتِ لفصلِ الأحكامِ، والاعتدالِ الذي يتأتى معَهُ النَّظرُ في حكمِ القضية، والاستدلال، والسلامة من التضجرِ والتبرمِ، والاستعجالِ المانع منَ الموعظةِ لمَنْ عزمَ على اليمين، والتخويفِ باللهِ، فهذا وأمثالُهُ منَ القياسِ، والله أعلمُ.
فصل
لايجوزُ للعاميِّ أنْ يقلِّدَ في التوحيدِ والنُّبواتِ، وهوَ مذهب الفقهاءِ،