قياساً فاعلم أنَنا نتركُ دليلَ الخطابِ لما هو أقوى منه، ومعنى الخطابِ أقوى من

الخطابِ، وكذلكَ التنبيهُ، مثالُه: قولهم: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: نهى عن بيعِ ما لم يقبَض (?)، ثم

قال: "من ابتاعَ طعاماً، فلا يَبِعه حتى يستوفيه" (?)، ولم يقضوا بدليل خطابِه ويخرجوا

منه ما عدا الطعام، فإن نهيَه عن بيعِ الطعامِ حتى يُستوفى، مع كونِ حاجةِ الناس

داعية إليه تنبيه على غيره، فقضينا بالتنبيهِ على دليلِ النطق؛ لأنّه أقوى منه، ومثل قوله

- صلى الله عليه وسلم -: "إذا اختلفَ المتبايعان والسلعة قائمة، فالقول قول البائع، والمبتاع بالخيار" (?) لم

يقض بدليل خطابه، فيخصُ ذلكَ بقيامِ السلعةِ؛ لأنه لما أمر بالتحالفِ، والسلعةُ قائمةٌ يمكنُ الرجوعُ إلى قيمتها الشاهدةِ باليمين لمثلها التي يمكنُ الاستدلالُ بها على صدق أحدهما، فأولى أن يحكمَ بالتحالُفِ حالَ الاشتباهِ وعدمِ الشاهدِ، وهو حالُ تلفِها، ولأنَّ كلَّ واحدِ منهما مُدعِ ومُدّعى عليه، وهذا المعنى موجود حالَ تلفِ السِّلعةِ، فكانَ المعنى أيضاً مقدّماً على دليل الخطاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015