الْحِكْمَة العجيبة والنظام الْحسن فلأجل ذَلِك خُولِفَ بَين مَرْكَز الشَّمْس ومركز الْفلك الْأَعْلَى فتبع هَذَا أَن صَارَت الشَّمْس تَدور على مركزها لعالم خَاص بهَا غير الأَرْض. أَعنِي أَن مركزها خَارج من الأَرْض. وَلما دارت على مركزها قربت من نَاحيَة من الأَرْض وبعدت من أُخْرَى وَصَارَت النَّاحِيَة الَّتِي تقرب مِنْهَا تَحْمِي بهَا. وَمن شَأْن المَاء إِذا حمى أَن ينجذب إِلَى الْجِهَة الَّتِي يحمي فِيهَا بالبخار. وَإِذا انجذب إِلَى هُنَاكَ انحسر عَن وَجه الأَرْض الَّذِي يُقَابله من الشق الَّذِي تبعد عَنهُ الشَّمْس. وَإِذا انحسر عَن وَجه الأَرْض حدث من الْجَمِيع كرة وَاحِدَة. أَعنِي من المَاء وَالْأَرْض إِلَّا أَن شقّ الكرة الجنوبي الَّذِي تقرب الشَّمْس فِيهِ من الأَرْض مَكَان المَاء وَهُوَ الْبَحْر وشق الكرة الشمالي الَّذِي تبعد عَنهُ الشَّمْس من الأَرْض يَابِس تظهر فِيهِ الأَرْض. ثمَّ وَجب بعد ذَلِك أَن تنصب عَلَيْهَا الْجبَال لتستقيم الْحِكْمَة وينتظم أَمر الْعَالم على مَا هُوَ بِهِ عز مبدىء الْجَمِيع ومنشئه وناظمه ومقدره وتبارك اسْمه وَجل جَلَاله وتقدست اسماؤه وَتَعَالَى هما يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا.
(مَسْأَلَة لم صَارَت مياه الْبَحْر ملحاً)
الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: إِنَّمَا ذَلِك لأجل قرب الشَّمْس من سطح المَاء وتمكنها من طبخه،