والفرج فرج وَكَذَلِكَ المَال مَال. نعم وَكَذَلِكَ فِي النَّفس وَمَا بعْدهَا: كَلَام: هَذَا يُوجب قتل هَذَا وَصَاحبه يمْنَع من قَتله. ويختلفون هَذَا الِاخْتِلَاف الموحش ويتحكمون التحكم الْقَبِيح ويتبعون الْهوى والشهوة ويتسعون فِي طَرِيق التَّأْوِيل. هَذَا وهم يَزْعمُونَ أَن الله - تَعَالَى - قد بَين الْأَحْكَام وَنصب الْأَعْلَام وأفرد الْخَاص من الْعَام وَلم يتْرك رطبا وَلَا يَابسا إِلَّا أودع كِتَابه وَضمن خطابه. وَهَذِه مَسْأَلَة لَيْسَ يجب أَن يكون مَكَانهَا فِي هَذِه الرسَالَة لِأَنَّهَا ترد على الْفُقَهَاء أَو على الْمُتَكَلِّمين الناصرين للدّين. لكني أَحْبَبْت أَن يكون فِي هَذَا الْكتاب بعض مَا يدل على أصُول الشَّرِيعَة. وَإِن كَانَ جلّ مَا فِيهِ منزوعاً من الطبيعة ومأخوذاً من علية الفلاسفة وأشياخ التجربة وذوى الْفضل من كل جنس ونحلة. وعَلى الله - تَعَالَى - بُلُوغ الْإِرَادَة والسلامة من طعن الحسدة. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: أما قَول الْفُقَهَاء: إِن الله - تَعَالَى - بَين الْأَحْكَام وَنصب الْأَعْلَام وَلم يتْرك رطبا وَلَا يَابسا إِلَّا فِي كتاب مُبين - فَكَلَام فِي غَايَة الصدْق وَنِهَايَة الصِّحَّة. وَكَيف لَا يكون كَذَلِك وَأَنت لَا تقدر أَن تَأتي بِحكم لَا أصل لَهُ من الْقُرْآن من تَأْوِيل يرجع إِلَيْهِ أَو نَص ظَاهر يقطع عَلَيْهِ ثمَّ لَا يَخْلُو مَعَ ذَلِك من إنباء بِغَيْب وإخبار عَمَّا سلف من الْقُرُون وَمثل لما نوعد بِهِ وَإِشَارَة إِلَى مَا ننقلب إِلَيْهِ وتنبيه على مَا نعمل بِهِ من سياسة دنيا ومصلحة آخِرَة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015