[غير] الأبدية كلهَا - أبدا - معرضة للتغير ويتغير الحكم بتغيرها بل لَا يجوز أَن تبقى لَازِمَة بِحَال وَاحِدَة لِأَنَّهَا أبدا فِي السيلان والدثور للُزُوم الْحَرَكَة إِيَّاهَا. وَالْحَرَكَة نَفسهَا هِيَ تغير الْأَشْيَاء المتحركة إِذْ كلهَا متغيرة. وَكَذَلِكَ الزَّمَان وَمَا تعلق بِهِ هُوَ يتَغَيَّر بتغيره. وَمَا يعرض للْإنْسَان من كَرَاهِيَة ذبح الْحَيَوَان إِنَّمَا هُوَ لمشاركته إِيَّاه فِي الحيوانية ويخطر بِبَالِهِ عِنْد مَكْرُوه ينَال الْبَهِيمَة أَن مثل ذَلِك الْمَكْرُوه سيناله لمشاركته إِيَّاه فِي الحيوانية فَيحدث لَهُ من النفور عِنْد هَذَا الخاطر مَا يحدث لكل حَيَوَان إِذا تصور مَكْرُوها حَتَّى إِذا أنس بذلك الْفِعْل زَالَ عَنهُ ذَلِك النفور وَصَارَ الذّبْح والتقصيب يجْرِي عَنهُ مجْرى بَرى الْقَلَم ونحت الْخشب وَكَذَلِكَ حَال من شَاهد الحروب - وَأنس بهَا عِنْد العراء المستوحش مِنْهَا. وَهَهُنَا حَال أُخْرَى أبين مِمَّا ذكرته وَهِي أَن الْعقل قد حسن عِنْد الْإِنْسَان إِذا حصل فِي مَكْرُوه غليظ من الْأَعْدَاء كمن يرى فِي أَهله وَولده مَا لَا يُطيق مشاهدته - أَن يبْذل نَفسه للْقَتْل ويجتاز الْمَوْت الْجَمِيل على الْحَيَاة القبيحة. وَهَذِه الرُّخْصَة من الْعقل مستمرة فِي كل حَال يقبح بالإنسان ان يعِيش فِيهَا. أَعنِي أَن يخْتَار الْمَوْت عَلَيْهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015