الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: إِن الصَّوَاب شَيْء وَاحِد وَله سمت يُشِير إِلَيْهِ فَأَما الانحراف عَن ذَلِك السمت وَالْخَطَأ فِيهِ وَعنهُ فَأمر لَا نِهَايَة لَهُ فَلذَلِك لَا يُمكن ضَبطه. وَإِن انحرف عَنهُ منحرف فَإِنَّمَا يكون ذَلِك مِنْهُ كَمَا جَاءَ وَاتفقَ لَا بِإِشَارَة من فهم وَلَا دَلِيل من عقل. وَحفظ مثل هَذَا عسير جدا إِذْ كَانَ الْحِفْظ إِنَّمَا هُوَ تذكر لصورة قيدها الْعقل وَتلك الصُّورَة هِيَ مُقْتَضى الْعقل أَو رسم من رسوم قوى الْعقل. فالإنسان معَان على هَذَا الرَّسْم بالفطرة وَمَعَان على تذكره - أَيْضا - بالفطرة. فَأَما الْعُدُول عَنهُ فَهُوَ كالعدول عَن نقطة الدائرة الَّتِي تسمى مركزاً فَإِن النقطة فِي الدائرة - الَّتِي لَيست مركزاً - هِيَ كَثِيرَة بِلَا نِهَايَة وَإِنَّمَا المحدودة مِنْهَا على نقطة وَاحِدَة أَعنِي الَّتِي بعْدهَا من جَمِيع مُحِيط الدائرة بالسَّواء.