يصفر مِنْهُ. وَمَا ذَاك إِلَّا لانبساط الدَّم من ذَاك فِي ظَاهر الْبدن وغوره من الآخر إِلَى قَعْر الْبدن. والحرارة الَّتِي فِي الْقلب هِيَ الَّتِي تفعل هَذَا أَعنِي أَنَّهَا تنبسط فترق الدَّم تَارَة وتنقبض فتغلظة أُخْرَى. وَيتبع ذَلِك الْحَال السرُور وَيتبع هَذِه الْغم. فَإِذا كَانَ زَائِد الْمِقْدَار فِي أَي الطَّرفَيْنِ كَانَ - تبعه الْخُرُوج عَن الِاعْتِدَال. وبحسب الْخُرُوج عَن الِاعْتِدَال يكون الْمَوْت الْوَحْي أَو الْمَرَض الشَّديد.
(مَسْأَلَة مَا السَّبَب فِي أَن إحساس الْإِنْسَان بألم يَعْتَرِيه أَشد من إحساسه بعافية تكون فِيهِ)
حَتَّى لَو شكا يَوْمًا لِأَن أَيَّامًا وَهُوَ يمر فِي لِبَاس الْعَافِيَة فَلَا يجد لَهَا وَقعا وَإِنَّمَا يتبينه إِذا مَسّه وجع أَو دهمه فزع وَلِهَذَا قَالَ الشَّاعِر: والحادثات وَإِن أَصَابَك بؤسها فَهُوَ الَّذِي انباك كَيفَ نعيمها وَمِمَّا يُحَقّق هَذَا أَنَّك تَجِد شكوى الْمُبْتَلى أَكثر من شكر الْمعَافي وَإِنَّمَا لوجدان أَحدهمَا مَالا يجده الآخر. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: السَّبَب فِي ذَلِك أَن الْعَافِيَة إِنَّمَا هِيَ حَال ملائمة مُوَافقَة للْحَال الطبيعي من المزاج المعتدل الْمَوْضُوع لذَلِك الْبدن. والملائمة والموافقة لَا يحس بهما وَإِنَّمَا الْحس يكون للشَّيْء الَّذِي لَا مُوَافقَة فِيهِ. وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن الْحس إِنَّمَا أعطي الْحَيَوَان ليتحرز بِهِ من الْآفَات الطارئة عَلَيْهِ وليكون ألمه بِمَا يُرِيد عَلَيْهِ مِمَّا لَا يُوَافقهُ سَببا لتلافيه وتداركه قبل أَن