وذكر السبكيّ (?) أن أباه الإمام تقيّ الدين (?) ((كان من الاشتغال على جانب عظيم بحيث يستغرق غالب ليله وجميع نهاره ... كان يخرج من البيت صلاة الصبح فيشتغل على المشايخ إلى أن يعود قريب الظهر, فيجد أهل البيت قد عملوا له فرّوجاً فيأكله ويعود إلى الاشتغال إلى المغرب فيأكل شيئاً حُلواً لطيفاً, ثم يشتغل بالليل, وهكذا لا يعرف غير ذلك، حتى ذكر لي أن والده قال لأمه: هذا الشاب ما يطلب قط درهماً ولا شيئاً فلعله يرى شيئاً يريد أن يأكله فضعي في منديله درهماً أو درهمين, فوضعت نصف درهم, قالت الجدة: فاستمر نحو جمعتين وهو يعود والمنديل معه والنصف فيه إلى أن رمى به إليّ وقال: أيش أعمل بهذا؟ خذوه عني)) (?).
وهذا مثال على أن الفتيان إذا أحسن توجيههم وتربيتهم ارتفعوا عن الترف والتنعم, وأخذوا بأسباب المعالي والرفعة.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
((قال لي يوماً شيخ الإسلام (?) قدس الله روحه في شيء من المباح: هذا ينافي المراتب العالية وإن لم يكن تركه شرطاً في