((لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل: هلم فلنتعلم من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم كثير.
فقال: العجب - والله - لك يا ابن عباس, أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس
من ترى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
فركبت ذلك وأقبلت على المسألة وتَتَبُّع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم,
فإن كنت لآتي الرجل في الحديث يبلغني أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأجده قائلاً, فأتوسد ردائي على باب داره تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج إليّ,
فإذا رآني قال: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك؟
قلت: حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحببت أن
أسمعه منك.
فيقول: هلا أرسلت إليّ فآتيك؟
فأقول: أنا كنت أحق أن آتيك.
وكان ذلك الرجل يراني, فذهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد
احتاج الناس إلي, فيقول: أنت أعلم مني)) (?).
وترى اليوم من تفاوت الهمم أمراً عجباً, فإذا استثنى الناظر في أحوال الناس أمر
العامة - واستثناؤهم واجب لأنه قد ماتت هممهم, وقعدت بهم عن تحصيل معالي
الأمور- واطلع على أحوال الخاصة وهم: الدعاة, وطلاب العلم, وباقي الملتزمين
الحريصين على دينهم, سيصاب بالدهشة لما يراه من فتور الهمّة, وأنها