لا من حسناته وأنه لا يرى أهوال الموقف وأنه يدخل الجنة في أو ل الزمرة الأولى هو ووالداه وأولاده وأزواجه وهذه معضلة يجب على التجانيين أن يحلُّوها ولن يستطيعوا إلى حلها سبيلا فقد أُخذوا بإقرارهم هكذا يقال أولا ويقال ثانيا: إن كان القتل الذريع تتوقف مغفرته على التوبة فما لكم فيه من فضل؛ فإنَّ كل قاتل باب التوبة أمامه مفتوح ويجب مع ذلكم أن تؤمنوا بقوله تعالى في سورة النساء آية 92: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) } وحسب عقيدتكم أن هذا العموم مخصوص لا بالتوبة وحدها بل يكون القاتل تجانيا؛ وهكذا يقال في كل ما ادعيتم لأنفسكم من الفضائل؛ واسمعوا ما يقوله المفسرون في هذه الآية إن كنتم بها مؤمنين قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيرها؛ وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله حيث يقول سبحانه في سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} الآية. وقال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}
إلى أنْ قال: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} في أواخره سورة الأنعام؛ والآيات والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جدا؛ فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء) وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو داود عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزال المؤمن معتقا صالحا ما لم يصب دما حراما فإن أصاب دما حراما بلح)
أي وقع في الهلاك؛ وفي حديث آخر (لو اجتمع أهل السماوات والأرض على قتل رجل مسلم لأكبَّهم الله في النار) وفي الحديث الآخر (من أعان على قتل المسلم بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله) .
قال محمد تقي الدين: وكل تجاني يَكتب ذلك الخبر أو يصدقه أو يقتني كتابا هو مدرج فيه مع تصديقه يلحقه هذا الوعيد لأنه يعين على قتل المسلمين بكلمات كثيرة شطر واحدة منها يجعله يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله؛ فهذه الكتابة حق أخبر بها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم؛ أما الكتابة التي زعموها فهي مكذوبة.
ثم قال ابن كثير: وقد كان ابن عباس يرى أنه لا توبة لقاتل المؤمن عمدا؛ وقال البخاري بسنده إلى ابن جبير قال اختلف أهل الكوفة فرحلت إلى ابن عباس؛ فسألته عنها فقال نزلت هذه الآية {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} وهي آخر ما نزل