روى صاحب الرماح عن شيخه التجاني أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم حين أعطاه الطريقة وأمره أن يلقنها الناس ما نصه: أنه ما تنزل إلى إفادة الخلق بعد ما خبره صلى الله عليه وسلم بذلك إلا بعد قوله للنبي صلى الله عليه وسلم، إن كنت بابا لنجاة كل عاص مسرف على نفسه تعلق بي فنعم وإلا فأي فضل لي، فقال صلى الله عليه وسلم أنت باب لنجاة كل عاص تعلق بك وحينئذ طابت نفسه لذلك. قال محمد تقي الدين: في هذا الكلام أمور تدل على بطلانه.
أولهما: أن الله سبحانه وتعالى جعل لكل عاص مسرف على نفسه بابا ليس عليه بواب ولا حرس ولا يتوقف على أحد من البشر وهو باب التوبة؛ وفي الحديث الصحيح أنه مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها؛ وفي ذلك يقول الله سبحانه في سورة الزمر؛ آيات: (53، 54 55) : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) } ففي هذه الآيات إرشاد من الله تعالى لجميع العصاة المسرفين على ما يجب عليهم أن يفعلوه لتغفر ذنوبهم.
فأول ذلك: أن يتوبوا إلى الله تعالى توبة نصوحا بشروطها وقد تقدم ذلك.
ثانيها: أن ينيبوا إلى الله تعالى ويسلموا له أنفسهم ويعملوا بطاعته ويتبعوا رضوانه وإلا جاءهم العذاب ولم يجدوا من ينصرهم أو يدفعه عنهم.
ثالثها: أن يتبعوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وإلا جاءهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون؛ ولا يصح لهم الإتباع إلا بترك البدع؛ والطرائق كلها؛ ومنها الطريقة التجانية من أقبح البدع؛ وادعاء أن بعض البشر باب لنجاة كل عاص مسرف على نفسه بدعة وتكذيب للقرآن؛ والنبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل خلق الله ليس بابا لنجاة كل عاص مسرف على نفسه إلا إذا وحد الله تعالى واتبع الرسول. وبيان ذلك أن أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم حبا عظيما أكثر من محبته لأولاده؛ وقاسى الشدائد في الدفاع عنه؛ وكان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على نجاته؛ ولكنه لما أبى أن يقول ((لا إله إلا الله)) لم يستطيع النبي صلى الله عبيه وسلم أن ينجيه من عذاب الله وقد أخبر أنه يكون في ضحضاح