المقصود هو الإقرار بالزنى، وعلى مقابله إذا رجع عن الإقرار سقط حد الزنى، وهل يسقط حد القذف، فيه وجهان بناء على ما لو أقر بالسرقة ثم رجع يسقط القطع وفي الغرم خلاف، ووجه الشبه أن المقصود هنا الإقرار بالزنى دون القذف، وفي السرقة المقصود حق الآدمي بالإقرار، فمتى رجع عن المقصود، ففي التابع قولان. انتهى كلامه.
وأشار بقوله: ووجه الشبه أي: بين الصورة التي حاول الإمام جريان الخلاف فيها، وهي سقوط المهر عمن أقر بالاستكراه على الزنا، ثم رجع وبين الصورة التي قوى بها المصنف بحث الإمام، وهي سقوط حد القذف عمن قال: زنيت بفلان ثم رجع، إذا علمت ذلك فاعلم أن ما ذكره في تقرير الشبه فاسد، وذلك لأنه انتقل إلى السرقة، وليس الكلام فيها، ثم إنه مع انتقال إليها قررها على العكس مما هو فيه، ومما يلائمه كلامه، فإن حاصله سقوط المال في السرقة، وحكاية قولين في سقوط القطع، وهذا مع كونه لا يلائم كلامه لم يقل به أحد، وإن أراد المصنف عود الشبه إلى الكلمة التي قبله وهي قوله بناء على ما لو أقر بالسرقة، فتقريره فاسد أيضًا، لأنه على العكس كما قلناه وأوضحناه، وإن أراد أيضًا الشبه بين ما خرج الإمام منه وخرج إليه حيث قال: قال الإمام ... إلى آخره، فكذلك أيضًا لا يستقيم، لما ذكرناه أيضًا من كونه على العكس بالنسبة إلى السرقة.
قوله: ومن أقر له حل بمال فكذبه المقر له ترك في يده، وقيل: يحفظه الحاكم، ثم قال: وظاهر كلام الشيخ وغيره يقتضي أن محل الخلاف ما إذا أقر بالعين، وهو ما صرح به القاضي الحسين والإمام الرافعي، أما إذا أقر بالدين فقد ذكرنا عن القاضي أبي الطيب في باب الدعاوى ما يقتضي الجزم بأنه لا ينزع، وهو ما حكاه القاضي الحسين واقتضاه كلام التهذيب، وقد ادعى ابن يونس أنه لا فرق في جريانه بين العين والدين، وقد لنا: ثم وجه استنبطناه من كلام الرافعي. انتهى كلامه.
وما نقله عن الرافعي من أن محل الخلاف في العين ليس بصحيح، فإن الرافعي لم يصرح بنفي الخلاف عن الدين، بل صرح بإثبات الخلاف فيه عقب ذكره لهذه المسألة، فقال في الركن الثاني من كتاب الإقرار بعد حكاية الخلاف في العين وتحلل مسائل أخرى ما نصه: ويعتبر في المقر شرط آخر أغفله في الكتاب، وهو أن يكون معينًا، فلو قال لإنسان أو لواحد من بني آدم، أو لواحد من أهل البلد: علي ألف، هل يصح إقراره؟ خرجه الشيخ أبو علي على وجهين، بناء على أنه إذا أقر لمعين بشيء