لأن المقتضي لتقييد الدين إنما هو تقصير الذي عامله بخلاف العين، فإنه قد يغصبها أو يستعيرها أو تودع عنده، ولهذا أطلق الرافعي في العين، وفصل في الدين.
قوله: فإن لم يصح، فيؤاخذ بذلك بعد فك الحجر، ثم قال: وقد حكيت في باب التفليس عن رواية الإمام والقاضي الحسين قولين فيما إذا أقر بعين ثم فضلت بعد فك الحجر، هل يسلم للمقر له أم لا؟ وقلت: إن القياس طرد ذلك في الدين أيضًا، وقد أشار إليه في الوسيط أيضًا هنا أخذًا من قول الإمام هنا: إن الأئمة حكوا قولين في صحة بيع المفلس عينًا من أمواله موقوفًا على التبيين في الجديد، فإن كنا نرى بوقف بيع المفلس فإقراره بقبوله للوقف، وإن رددنا إنشاء تصرفه ففي إقراره تردد حينئذ، وإلا ظهر في القياس ألا نرده بل نقفه، فإن الإقرار ليس إنشاء تصرف، وإنما هو إخبار، والمفلس من أهل الإخبار، فإن رددنا قوله في الحال لحقوق الغرماء، فإذا زالت فلا يبعد أن يؤاخذ المقر الآن بموجب إقراره، وهذا واضح، ورد إقراره عند تقدير زوال الغرماء مشكل في القياس جدًا. انتهى كلامه.
واعلم أن ما ذكره من أن الغزالي في ((الوسيط)) قد أشار إلى طرد هذا الخلاف في الدين أخذًا من هذا البحث الذي نقله عن الإمام ليس كذلك، بل أخذه من تصريح الإمام بالخلاف، كذا ذكره في البسيط في هذا الباب، فقال: وإن أقر بدين معامله لم يثبت للمقر له مضاربة الغرماء أصلًا، ويؤاخذ به بعد انفكاك الحجر، وذكر الإمام في ذلك بعد انفكاك الحجر خلافًا، ورفعه، ولم يذكره في كتاب التفليس. هذا لفظه في البسيط بحروفه.
قوله: وإذا أقر بسرقة ثم رجع لم يؤثر رجوعه في المال ويؤثر في القطع، وقيل: لا. هذه طريقة القاضي، وقيل: يسقط القطع، وفي المال قولان، ثم قال: ولو أقر رجل بأنه استكره امرأة على الزنى، فالمهر والحد واجب عليه بإقراره، فلو رجع عنه لم يسقط المهر، وفي سقوط حد الزنى جوابان للقاضي، أحدهما: يحتمل أن يكون كحد السرقة، ويحتمل أن يقال: يسقط الحد قولًا واحدًا، لأن وجوب الحد ينفك عن المهر، ووجوب القطع لا ينفك عن مطالبته برد عين أو غرم، فارتباط القطع بالمال أشد من ارتباط الحد بالمهر. قال الإمام: ومن سلك الطريقة الأخرى في القطع، وقال: إذا سقط ففي سقوط الغرم خلاف، قد يلتزم مثل هذا هنا، فنقول بسقوط الحد، وفي سقوط المهر قولان. قلت: ويقوي هذا أن القاضي قال في باب حد الزنى: لو قال: زنيت بفلان أو بفلان، هل يحد لأجل الذي قذفه؟ فيه خلاف، وجه المنع أن