فكذبه المقر له هل يخرج من يده؟ إن قلنا: نعم، لأنه مال ضائع، فكذلك هاهنا، ويعتبر الإقرار، وإن قلنا: لا، لم يصح هذا الإقرار، وهو الصحيح. هذا كلامه.

وذكر أيضًا في الباب الثاني من أبواب الشفعة مثله، فقال: إذا ادعى أحد الشريكين على رجل أنه اشترى وأقام بينة قضى بها، ثم إن وافق المدعى عليه بعد ذلك، سلم إليه الثمن وإلا فهل يترك في يد المدعي أو يأخذه القاضي ويحفظه أو يجبر على قبوله أو الإبراء منه؟ فيه ثلاثة أوجه مذكورة في الإقرار وغيره. هذا لفظ الرافعي، والغريب أن المصنف قد حكاها أيضًا هناك، وقد وقع للمصنف في شرح الوسيط مثل ما وقع له هاهنا، وزاد على ذلك فقال: إنه لم ير الخلاف إلا لابن يونس مع كونه قد نقل عن الرافعي ما نقلناه عنه.

قوله: وإن قال: بلى أو نعم أو أجل لزمه، ثم قال: وكذا لو قال: لعمري، كما قاله في ((الحاوي)) و ((المهذب)): قال الرافعي: ولعل العرف يختلف فيه. انتهى كلامه.

واعلم أن ((إي)) معناها: نعم، ولا تستعمل في اللغة إلا مع القسم، قال تعالى: {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ}، إذا علمت ذلك فالمذكور في الرافعي والمهذب هو كما قال المصنف، وهو لعمري وحدها، والتوقف فيه ظاهر، وأما الماوردي فوهم المصنف في ما نقله عنه، فإنه لم يذكر ذلك إلا مع لفظ ((أي))، فقال: فإن قال: بلى أو نعم أو أجل أو صدق أو إي لعمري، كان مقرًا لجميع ذلك. هذا لفظه وهو صحيح لا إشكال فيه، لا من جهة اللغة ولا من جهة العرف، وقد وهم في ((المطلب)) وهمًا هذا الوهم، فنسب إلى الثلاثة أنهم قالوا بذلك في ((أي لعمري)) أعني مع الإتيان بلفظ ((إي)) وهو صحيح بالنسبة إلى الماوردي دون المهذب والرافعي.

قوله: ولو قال: مالك علي أكثر من مائة، ففي لزوم المائة له وجهان في الرافعي، والراجح عدم اللزوم، وبه أجاب في العدة ويشبه أن يجري مثلها فيما لو قال: مالك علي إلا مائة، أخذًا مما حكيناه فيما إذا حلف لا يأكل إلا هذا، هل يحنث إذا لم يأكله أم لا؟ وفيه خلاف. انتهى كلامه.

وما ذكره بحثًا من جريان الوجهين في مسألة الإقرار غير مستقيم، بل الصواب ما قاله الأصحاب من الجزم بلزوم المائة، وذلك لأن المسألة التي حاول التخريج منها وهي ما إذا حلف لا يأكل إلا هذا، لا شك أن الحالف قد منع نفسه من أكل غير المشار إليه، وأخرج المشار إليه، ولنا قاعدة وهي أن الاستثناء من النفي إثبات، فبعضهم يقول: الثابت بعد الاستثناء نقيض الملفوظ به قبله، فعلى هذا إذا لم يأكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015