قوله: قال- يعني الشيخ-: وإن أقام شاهدًا واحدًا أي: عدلًا وسأله أن يحبسه حتى يأتي بالثاني، أي: وقال: إنه في مكان قريب، كما قال الشافعي، ففيه قولان. أصحهما: أنه لا يحبس، لأن الحق لم يثبت بعد، وهذا ما نص عليه في اللعان، وقد وافق الشيخ في تصحيحه ابن الصباغ وصاحب البحر والتهذيب، والنووي.
والثاني: يحبس، لأنه لما حبس مع كمال العدد ونقصان العدالة جاز أن يحبس مع كمال العدالة ونقصان العدد، وهذا ما ادعى الرافعي أن الروياني اختاره. انتهى كلامه بحروفه.
وهو صريح في أن الصحيح في ((التنبيه)) عدم الحبس، وليس كذلك، فإن الموجود فيه حكاية قولين من غير ترجيح بالكلية، ولهذا إن النووي نبه عليه في التصحيح، وصحح أنه لا يحبس، والذي أوقع ابن الرفعة في هذا الغلط إيهام وقع في كلام ابن يونس شارح التنبيه، فإنه عبر بقوله: قال: وإن أقام شاهدًا واحدًا وسأله أن يحبسه حتى يأتي بالثاني ففيه قولان، أصحهما: أنه لا يحبس، لأن الحق لم يثبت بعد. هذه عبارته، وابن الرفعة- رحمه الله- كان يعتمد غالبًا في نقل كلام التنبيه عليه، لكونه هو الشرح المتداول في ذلك الوقت، فظن أن التصحيح من تتمة كلام الشيخ، وإنما هو من كلام ابن يونس، ناقلًا له من المهذب وغيره.
قوله: وإن استعدى على غائب عن البلد في موضع لا حاكم فيه، كتب إلى رجل من أهل الستر- أي: وصلاحية القضاء- ليتوسط بينهما. انتهى كلامه. ما ذكره من اشتراط أهلية القضاء وقع في شرح التنبيه لابن يونس، فتابعه المصنف عليه، وليس هذا مراد الشيخ ولا مراد غيره من الأصحاب، بل المراد شخص من وجوه أهل القرية والمعتبرين فيها، كشيوخ الزرع والموسرين الكرماء ونحوهم، ولهذا عبروا بقولهم: أهل الستر، ولم يقولوا أهل القضاء، وعبروا أيضًا بقولهم: ليتوسط، ولم يقولوا: ليحكم.
قوله: وإذا ثبت عند الحاكم حق فسأله صاحب الحق أن يكتب له محضرًا بما جرى كتبه.