ثم قال: وعن ابن جرير الطبري وهو كما قاله الرافعي في أوائل كتاب الزكاة- أنه لا يكتب المحضر إذا لم يعرف الخصمين حتى لا يصير محضره الذي ثبت له حجة على ما يكون باسمهما ونسبهما. انتهى كلامه.

واعلم أن المصنف قد أخلى بياضًا بمقدار نصف سطر بين ((هو)) وبين ((كما))، والذي قاله الرافعي هناك ولم يستحضره المصنف هنا، وأخلى له ليحرره ويلحقه فلم يتفق له ذلك، هو أنه ليس معدودًا من أصحاب الوجوه، بل صاحب مذهب مستقل، فإنه قال: وتفرد ابن جرير لا يعد وجهًا، وإيراد المصنف يشعر بأن الذي كان في ذهنه هو العكس، وإلا لم يبق لذكر خلافه كبير طائل.

قوله: ولو احتاج المترجم إلى أجرة، فهل هي على صاحب الحق أم في بيت المال كأجرة الحاكم؟ فيه وجهان في الأحكام لابن شداد، وقال: إذا قلنا بالأول، فالواجب عليه أجرة المثل فيما يتعلق بخاصته في مثل حقه. انتهى كلامه.

وما ذكره أخيرًا في بيان مقدار ما يجب يعتبر قريبًا من المهمل، أو له دلالة لكن على حكم ممنوع، وهو إيجاب البعض على الطالب، والبعض على خصمه، والصواب الاقتصار على اللفظ الأول وهو إيجاب أجرة المثل، وسبب ذكر هذه الزيادة أن الإمام ذكر المزكي والمترجم والمسمع، وحكى وجهين في أن أجرتهم تجب في بيت المال أو على طالب الحق.

ثم قال ما نصه: فعلى هذا- أي: الثاني- يجب على كل واحد مقدار أجرة المثل فيما يتعلق بحقه وخصومته. هذا كلامه، ومعناه أن كل واحد من المذكورين تجب عليه بمقدار ما يقع له من العمل، وذكر في البسيط نحوه أيضًا، فاقتصر المصنف على المترجم واتبعه بهذا اللفظ المضطرب ظنًا منه أن الخصومة- بالميم- هي الخصوصية بالصاد، فأبدلها بالخاصة لكونها أوضح، وزاد لفظه ((مثل)) لغير معنى، فلزم الخلل، ثم إنك قد علمت أن الوجهين بتفردهما مشهوران، فكيف عدل إلى كتاب خامل الذكر قليل الجدوى لمتأخر غير ماهر في هذا الفن، ولا معروف لغالب أهله، وقد تأملت الكتاب المذكور فلم أظفر فيه بطائل.

قوله في المسألة: وفي الرافعي عوضًا عن الأول أن مؤنة ما يترجم للمدعي على المدعى عليه، لأنه يبلع كلامه، والخلاف جار في أجرة المسمع، ويكون على الوجه الأول على صاحب الحق. انتهى.

واعلم أن الذي ذكره الرافعي على ما هو موجود في النسخ المعتمدة أن مؤنة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015