وأجاب فيها بمثل ما أجاب به- أيضًا- ثم ذكر بعدها مسألة أخرى لم يتعرض لها الماوردي ولا المصنف، وهو ما إذا حكم في حال الإشكال، ثم بان أنه رجل، وحكى فيها الطريقتين المذكورتين في كلام المصنف فإنه قال: فرع: لا يجوز تقليد الخنثى، فإن زال إشكاله وبان رجلًا يجوز أن يكون قاضيًا، ولو ولي في حال الجهل بحاله، فحكم ثم بان رجلًا، فالمذهب أنه لا ينفذ حكمه، وقيل: فيه وجهان، هذه عبارته.
قوله: فإن قيل: هذا يقتضي أن تكون صفة الإسلام في الكاتب واجبة، قلنا: قد قال بعض الأصحاب، ولم يورد الماوردي وأبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ وغيرهم سواه، وهو الصحيح، والقائل بالأول قال: ما نكتبه لابد وأن يقف عليه القاضي ثم يمضيه، فيؤمن فيه الخيانة، وقد حكى عن ((البيان)) تصحيحه. انتهى كلامه. وهذه الحكاية عن ((البيان)) غلط، فإن الذي صححه إنما هو اشتراط الإسلام، وعبر بالأصح.
قوله: لو سلم الخصمان على القاضي رد عليهما، وإن سلم عليه أحدهما، ففي فرض رده ثلاثة أوجه مجموعة في ابن يونس، وهي مأخوذة من كلام مجلي:
أحدها: يرد عليه في الحال.
والثاني: بعد الحكم.
والثالث: يرد عليهما. انتهى كلامه. ومقتضاه أنها ملفقة من فحوى كلام مجلي، أو من اقتضاء كلامه ونحو ذلك، وهو غيب، فإن الأوجه الثلاثة صرح بها الماوردي في ((الحاوي)) وتبعه الروياني في التحريم أن الثالث وهو الرد عليهما لم يبين وقته، وقد بينه المذكوران، فقالا: يرد عليهما معًا عقب سلام الأول، فاعمله، فإن كلام المصنف يوهم خلافه.
قوله: فرع آخر: إذا تقدم للقاضي خصمان وقالا: إن بيننا خصومة في كذا، وقد فصلها القاضي فلان بيننا، وحكم بكذا، ولكنا نريد أن نستأنف الحكم بيننا باجتهادك، ونرضى بحكم واجتهادك، فعن القاضي ابن كج حكاية وجهين فيه، أشبههما في الرافعي: الثاني. انتهى كلامه بحروفه.
وترجيح الثاني متوقف على بيانه، ولم يتقدم له ولا للأول في كلامه ذكر بالكلية، وقد ذكره الرافعي- رحمه الله- على الصواب ولكن حصل للمصنف في نقله غلط، فقال قبيل الطرف الثاني: فهل يجيبها أم يتعين- الحكم الأول، ولا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد؟ فيه وجهان أشبههما الثاني.