والغلمان، وهو ما يجعل النسبة المتوسطة للسكان في القرون الوسطى تزيد على ما هو مقرر حاليًا، ففي القرون الوسطى يجب أن يضرب عدد البالغين في (6) أو (7) كما ذكر (بركات) في كتابه عن الرسول الأكرم ويهود الحجاز. ومن هذه الناحية إذا أخذنا القائمة التي رتبها المستشرقون، فإن عدد مسلمي مكة التقريبي يصل إلى ما ذكرناه.
هناك خطأ شائع يتعلق بتاريخ نشر الإِسلام في العهد المكي إذ اعتقد البعض أن السكان المسلمين خارج مكة المكرمة كانوا إما صفرًا أو عددًا لا يذكر، بينما يتضح من الروايات التاريخية أن هذا التصور من أوله إلى آخره تصور خاطىء، فالجميع يعرف أن من غير أهل مكة وجد أبو ذر الغفاري وإخوته التسع عشرة، وهم من المسلمين الأوائل للعهد المكي، لكن الحقيقة أن هؤلاء الناس لا يعرفون أن أبا ذر قبل الهجرة إلى المدينة تمكن بجهوده -التي تدل بلا شك على شغفه بالإسلام، وعلى أن ذلك الشغف فاق كل حد- أن يدخل قبيلته كلها في كنف الإسلام، هذا بالإضافة إلى قبيلة أسلم وهي مجاورة لهم وحليفة لهم، فقد صارت في معظمها إن لم تكن بأكملها قبيلة مسلمة، وطبقًا لما تذكره الروايات فإن هاتين القبيلتين ضمتا على الأقل ألفي نسمة، هذا بالإضافة إلى أن من قبائل العرب التي تعرفت على الإِسلام فدخلت فيه في العهد المكي: خزاعة، أزد، شنوة، وأهم بطونها دوس، بنو أسد بن خزيمة، أشعر وعبد القيس وغيرها، وكان بعض هذه القبائل ينتمي إلى منطقة الجنوب، وبخاصة اليمن والجزء الشرقي.
ثم لا ينبغي أن ننسى أن معظم أهل المدينة المنورة ممن شرفوا بالإِسلام إنما شرفوا به في العهد المكي، وحتى زمان الهجرة النبوية كان معظم قبائل الأوس والخزرج بالمدينة من المسلمين الذين دخلوا في الإسلام نتيجة لجهود المبلغين