عرض بعض المستشرقين وعلى رأسهم (مونتجمري وات) نظرية فحواها أن النظام السياسي الذي أقامه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة قد قام على أسس قبلية، وطبقًا لرأيه، فقد كان هناك وفاق بين مختلف القبائل والبطون في المدينة المنورة، وكان هذا الوفاق يضم تقريبًا تسع قبائل كبيرة، ويمكن القول بأنها كانت تمثل تسع وحدات سياسية من بينها وحدة تضم المهاجرين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رئيسًا للمهاجرين فقط، وبالإضافة إليه كان هناك ثمانية رؤساء سياسيين للقبائل كانوا في جميع الأشكال متساويين معه في الرتبة والمكانة، ولم يكن له عليهم أي أفضلية.
ويحاول هؤلاء المستشرقون في النهاية أن يثبتوا أنه لم يكن حاكمًا للمدينة، كما أنه لم تكن هناك دولة إسلامية بالمدينة تحكم جميع القبائل الأخرى.
وهذه نظرية خاطئة من الناحية التاريخية ودلائلها باطلة، ففي بيعة العقبة الثانية اعترف مسلمو المدينة برسول الله زعيمًا وقائدًا مثلما اعترف به مسلمو مكة بعد الهجرة، ولم تنته سيادته صلى الله عليه وسلم إلى حد السيادة على المهاجرين فقط، بل امتدت لتشمل قبيلتي الأنصار أيضًا، ويمكن القول بأنه بعد الهجرة مباشرة كان صلى الله عليه وسلم هو شيخ ورئيس جميع طبقات المسلمين بلا استثناء وبعد دستور المدينة أصبح عليه الصلاة والسلام هو القائد السياسي للمدينة بأكملها بما فيها من يهود وغيرهم من غير المسلمين، ورغم أن اليهود لم يعترفوا به كرسول فإنهم بانضمامهم إلى المعاهدة النبوية أو الصحيفة النبوية سلموا بزعامته السياسية، تلك الزعامة التي جعلتهم يعترفون بالحيثية القانونية للإجراءات العسكرية التي اتخذت ضدهم.
لقد كان صلى الله عليه وسلم هو الحاكم الأعلى للمدينة والقائد الديني والسياسي للجميع.
اعترف به الجميع بعد الهجرة مباشرة وحتى غزوة الخندق كانت القبائل